روتينُ حياتك .. أمنيةٌ لغيرك
بعد يومٍ شاقّ، يرمي برأسه منهَكًا، يخطِّط للأماكن التي سيرتادها في الغد؛ باحثًا عن عمل. داعيًا بألّا يقابل الدائنَ في إحدى الطرقات، يتأملُ على مَضض. كيف سيتناولُ قلبًا ليخبر ابنته أنه لم يتمكن من توفير قسطها الجامعي؟ مما سيخضعها للانتظارِ عامًا آخر. وكيف سيخبر ابنته ذات السبعة أعوام بأنها لن تتمكن أيضًا من ارتياد المدرسة هذا العام؟
في أي ردهةٍ سيجد عملًا؟ ولأيِّ وِجهةٍ سيولّي وجهه! تتسلل إليه تعابير وجه المؤجّر الشاحبة، تقتحمُ مخيّلته، تلقي عليه لعناتٍ متتالية، فيتوقف عن التفكيرِ منصتًا لتلك اللعنات.
وفي بقعةٍ أخرى من هذا العالم. تتكئ على الأريكة في غرفتك، تتصفح الرسائل والإشعارات في هاتفك، تكتب لزملاء العمل أنك قد تتغيب غدًا، ويستنكرُ أحدهم: لقد تجاوز غيابك الثلاثة أيام منذ أن بدأ الشهر و مازلنا في منتصفه! تخبره أنك إن استيقظت صباحًا وكان مزاجُك جيدًا فستذهب للعمل وإن لم يكن كذلك فستواصل نومك. تغلق الهاتف وترمي بجسدك على الفراش وتغطُّ في نومٍ عميق. يوقظك المنبه فتُصمته متأفِّفًا وتعود للغرق في النوم مجددًا.
عملُك هذا الذي لا يتجاوز الثانية ظهرًا هو حلم ذاك الذي يقضي يومه وليلته باحثًا عن عمل! بالُك المرتاح الذي لا يعرف الضيق إطلاقًا هو حلمه أيضًا!
إنه يتمنى همومك! همومك الصغيرة تلك! بدءًا من عطلٍ في هاتفك، مللٌ من كثرة تصفّح مواقع التواصل، دعابةٌ لم تنلِ استحسان صديقك فاتخذ موقفًا، ساعةٌ باهظةٌ لم تستطع اقتنائها أو ربما راتبٌ لم يودع بحسابك في السابع والعشرين من الشهر!
تأمل معي يا عزيزي وسترى أنك في خيرٍ كثير ونعمٍ لا تُحصى. إنّ روتينك الذي أصبح “مبتذَلًا ومُملًا” في نظرِك هو حلمٌ يتمناه غيرك، أسرتك المطمئنة من حولك هي أمنيةٌ لغيرك، نومُك الهانئ الذي لا يُرغمك على السهر للتفكير في قوت الغد هو أمنيةٌ لغيرك كذلك. فاستشعِر نِعم الله من حولك واحمدهُ دائمًا وأبدًا كي تدوم لك النِّعم.
تعليقات
إرسال تعليق