المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2022

الذنبُ جِبِلّة

من طبيعة بني آدم أنك لا تجد فيهم من هو في محل الوعظ والرشد على الدوام، كلنا نعظُ في أمور ونذنب في أمور أخرى، والوقوع في الذنب ليس مما يُنكر على المرء وإنما عدم محاولة النهوض هو ما يُنكر ويؤثم عليه، ومدى الوقوع هو ما نتفاوت فيه، فمنّا من يذنب الذنب صغيرًا يحسبه فتزلّ قدمه فيعاود النهوض، ومنا من يقع وقعةً تكسرُ ساقه لشدة ذنبه، فيجدّد إيمانه وينهض بالأخرى، ومنا من يكسرُ الذنب كلتا ساقيه، فيقذف الله في قلبه نور الهداية، فينهض بذلك القلب، لا بالساقين!

لا تذم طفلًا في وجهه؛ الأطفال لا ينسون!

في السابعة من عمري، وفي طريق العودة من مسجد حيّنا الذي نتدارس فيه القرآن كل غرة عصر، عائدةً برفقة أختي التي تكبرني ستة أعوام وصديقتها، وبينا نحن نمشي لمحتُ ابنة جارنا التي تصغرني سنًّا فوق سطح منزلهم غير المسوّر تركض وتلعب -وكانت قد تغيبت يومها عن المسجد- فصرختُ لأختي: "شما..شوفي نور!!" كنتُ طارحةً يدي على قلبي فزعًا؛ يخيّل إلي وقوعها من أعلى السطح، ردت أختي: "خليها تلعب شوي وبتنزل" -لِما عُرفت به نور من شقاوة-. أكملنا الطريق وإذ بصديقة أختي تشير إلي محدِّثةً أختي: "أختج حقودة.. حاسدة البنت إنها غايبة وتلعب" كنتُ طفلة، وكانت الكلمة تكبرني أعوامًا، فلم أكن أعرف معنى الحقد آنذاك إلى أني أدركتُ قبحه! أكملت الطريق وكأنّ شيئًا لم يكن، بينما ظل دويُّ هذه الكلمة في أذني.. حتى اليوم.